قلق إسرائيلي من الأسلوب الجديد للمقاومة في غز
15:37 بتوقيت الجزائر
غزة –
تشهد الساحة العسكرية في قطاع غزة تحولًا نوعيًا في أساليب المقاومة الفلسطينية، ما أثار قلقًا متزايدًا لدى القيادات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، خاصة في ظل تصاعد محاولات اختطاف الجنود والتعامل المباشر مع الوحدات الميدانية الإسرائيلية.
أسلوب جديد يفاجئ القيادة الإسرائيلية
أفادت صحيفة يسرائيل هيوم نقلاً عن مصادر أمنية مطلعة أن المقاومة، وتحديدًا كتائب عز الدين القسام، تبنّت مؤخرًا نمطًا قتاليًا أكثر جرأة واندفاعًا. ويتسم هذا النمط بارتفاع مستوى التضحيات والمواجهة المباشرة مع القوات الإسرائيلية، ما اعتبره المصدر "خروجًا عن النمط التقليدي الذي اعتادت عليه تل أبيب".
المصادر الإسرائيلية أكدت أن هذا الأسلوب الجديد قد أربك القوات المنتشرة في عمق قطاع غزة، والتي تمركزت منذ أسابيع داخل المدن بهدف "تطويق وتفكيك بنية المقاومة" وتحديدًا في مناطق مثل خان يونس ودير البلح وجباليا.
محاولة اختطاف في خان يونس
في حادثة وُصفت بالخطيرة من قبل وسائل الإعلام العبرية، حاول عناصر من المقاومة في الأسبوع الماضي تنفيذ عملية نوعية عبر استهداف مركبة عسكرية إسرائيلية في خان يونس. وأشارت التقارير إلى أن المقاتلين تمكنوا من الوصول إلى الجرافة العسكرية التي يقودها الرقيب أول (احتياط) أفراهام عازولاي، وحاولوا اختطافه، قبل أن يردّ الجيش بعملية إطلاق نار أودت بحياته.
هذا النوع من العمليات، الذي يستهدف اختطاف جنود، يعيد إلى الأذهان عمليات سابقة أبرزها عملية أسر الجندي جلعاد شاليط عام 2006، وهو ما تعتبره إسرائيل تطورًا خطيرًا قد يفرض ضغوطًا سياسية وأمنية داخلية.
استراتيجيات جديدة للطرفين
في مقابل التوسع الميداني للجيش الإسرائيلي داخل القطاع، والذي يسعى إلى كشف وتدمير أنفاق المقاومة ومخازن الأسلحة، تردّ الفصائل الفلسطينية بأساليب تكتيكية جديدة تقوم على الكمائن، والهجمات المباشرة، واستخدام المناطق السكنية لتضييق هامش المناورة أمام قوات الاحتلال.
مصادر عسكرية في تل أبيب أوضحت أن "القسام" وبقية الفصائل باتت تركز على احتكاك مباشر ومباغت، لا يعتمد فقط على التفجير عن بُعد أو الهجمات الصاروخية، بل المواجهة المباشرة التي قد تؤدي إلى أسر أو قتل جنود داخل مناطق السيطرة الفلسطينية.
ردود فعل إسرائيلية
القيادة العسكرية الإسرائيلية استنفرت وحداتها العاملة في القطاع، وأجرت تعديلات ميدانية على قواعد الاشتباك وأوامر العمليات، وفقًا لما ذكرته الصحيفة. كما نُقل عن مسؤول في القيادة الجنوبية للجيش أن "العدو تغيّر، ويجب أن نغيّر أدواتنا".
في المقابل، أشارت أوساط أمنية إسرائيلية إلى أن استمرار هذا النمط من العمليات قد يعجّل بانسحاب تكتيكي للقوات الإسرائيلية من بعض الجيوب داخل القطاع لتقليل الخسائر البشرية، خاصة مع ارتفاع عدد الإصابات والقتلى في صفوف الجنود مؤخرًا.
الخلفية: من "7 أكتوبر" إلى "فلسطين 2"
التحولات الجديدة تأتي في أعقاب ما وصفته بعض التحليلات بـ"المرحلة الثانية من المواجهة"، أو ما يطلق عليه إعلاميًا "فلسطين 2"، في إشارة إلى التحول الكلي في بنية المقاومة بعد معركة 7 أكتوبر 2023، حين فاجأت الفصائل الفلسطينية إسرائيل بهجوم واسع غير مسبوق، ما زال تأثيره يلقي بظلاله على العقيدة القتالية الإسرائيلية حتى اليوم.
🔍 تحليل استراتيجي: التحول في أسلوب المقاومة في غزة وتأثيره على ميزان القوى
1. تحول تكتيكي أم استراتيجي؟
الأسلوب الجديد الذي تنتهجه المقاومة، والقائم على الاحتكاك المباشر، محاولات الأسر، وزيادة التضحيات، لا يُعد مجرد تكتيك ميداني مؤقت، بل يعكس تحولًا استراتيجيًا متعمدًا له أبعاد متعددة:
-
أيديولوجيًّا: يُظهر استعداد المقاومة لتحمل خسائر بشرية مقابل أهداف نوعية مثل أسر الجنود.
-
عسكريًّا: يعتمد على تآكل قدرة العدو من خلال الإنهاك والاستنزاف الميداني لا عبر المواجهة الشاملة.
-
سياسيًّا: يسعى إلى كسر هيبة الجيش الإسرائيلي وخلق أوراق ضغط تفاوضية.
2. أهداف المقاومة من الأسلوب الجديد
-
إعادة معادلة الأسرى إلى الواجهة: أي عملية أسر لجندي إسرائيلي قد تُستخدم كورقة ضغط لتبادل الأسرى، خاصة في ظل ملفات عالقة كأسرى نفق جلبوع، والمعتقلين الإداريين.
-
تشتيت القيادة العسكرية الإسرائيلية: دفع الجيش إلى الانتشار الواسع والخروج من مناطق التمركز الآمنة يضعه في وضعية هشّة.
-
تأكيد الوجود والسيطرة: توجيه رسالة بأن المقاومة لا تزال قادرة على المبادرة والرد رغم التفوق التكنولوجي الإسرائيلي (مثل طائرات F-35 والمراقبة الجوية).
3. انعكاسات على الجيش الإسرائيلي
-
تآكل الردع: اعتماد المقاومة لعمليات جريئة ومباشرة أمام وحدات مدرعة يوصل رسالة إلى الجمهور الإسرائيلي بأن الجيش لم يعد قادرًا على الحسم أو فرض الهيبة.
-
خسائر بشرية متزايدة: مقتل جنود في عمليات ميدانية يضع الحكومة الإسرائيلية تحت ضغط داخلي متصاعد.
-
تعديل العقيدة القتالية: إسرائيل الآن تُجبر على إعادة تقييم نموذج "الدخول والتطويق"، واستبداله إما بالتراجع أو بالتصعيد الجوي بعيد المدى، ما قد يقلل من فعاليتها على الأرض.
4. البيئة السياسية المحيطة
-
في الداخل الإسرائيلي: تراجع الدعم الشعبي لنتنياهو بعد فشل استعادة الأسرى أو تحقيق نصر ميداني حاسم.
-
في الإقليم: المقاومة تحاول تعزيز موقعها في الوعي العربي كقوة مواجهة غير منهارة، ما قد يكسبها دعمًا شعبيًا مستمرًا.
-
دوليًا: تغير أسلوب المقاومة نحو استهداف الجنود فقط، والابتعاد نسبيًا عن استهداف مدنيين، قد يُعيد تشكيل صورة المقاومة في الإعلام الغربي.
5. سيناريوهات مستقبلية
السيناريو | وصفه | الآثار |
---|---|---|
تصعيد متبادل | استمرار العمليات النوعية يقابله تصعيد إسرائيلي بري وجوي | خسائر كبيرة للطرفين واحتمال تدخل إقليمي |
انسحاب تكتيكي إسرائيلي | تقليص التوغل داخل المدن وتكثيف الضربات عن بُعد | يخفف الخسائر لكنه يُظهر ضعف السيطرة |
تبادل أسرى | في حال نجاح المقاومة بأسر جندي | مكسب سياسي ومعنوي للمقاومة، ضغط داخلي على إسرائيل |
تثبيت قواعد اشتباك جديدة | بوساطة إقليمية أو دولية | يُجمد الوضع ميدانيًا دون حسم نهائي |
🧠
التحول في أسلوب المقاومة بغزة يشير إلى ذكاء ميداني وتكيف استراتيجي، يهدف إلى ضرب نقاط الضعف الإسرائيلية بدل مجابهة قوتها المباشرة. هذه المقاربة قد لا تمنح نصرًا سريعًا، لكنها تُحدث تآكلًا بطيئًا في ردع إسرائيل وفعاليتها الميدانية. وكلما طالت مدة المواجهة بهذا الشكل، كلما زادت الكلفة السياسية والعسكرية على تل أبيب.
إرسال تعليق