أزمة الحكم في فرنسا تتفاقم بعد استقالة ليكورنو: ماكرون أمام خيارات محدودة

t-l-chargement-2-1-2


𝕾𝖆𝖞𝖆𝖗

مراد/ ک

باريس -التلاتاء,07 ٱكتوبر 2025


في تطورٍ سياسيٍّ غير متوقع، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان ليكورنو استقالته يوم الاثنين، بعد ساعاتٍ فقط من إعلان تشكيل حكومته الجديدة، مما فجّر أزمة سياسية جديدة في فرنسا وزاد من تعقيد المشهد الداخلي المتأزم أصلًا.

ليكورنو، الذي يُعد أحد أبرز حلفاء الرئيس إيمانويل ماكرون، لم يُكمل أربعة أسابيع في منصبه، ليغادر بذلك حاملًا لقب أقصر رئيس وزراء خدمة في تاريخ الجمهورية الخامسة الفرنسية. وتُعتبر استقالته المفاجئة أحدث إشارة على التآكل المتزايد في سلطة ماكرون، الذي فشل خلال العامين الماضيين في الحفاظ على استقرار حكومته أو بناء أغلبية برلمانية داعمة.

منذ الانتخابات البرلمانية غير الحاسمة عام 2024، تعيش فرنسا حالة من الجمود السياسي، إذ لم يتمكن أي حزب من تحقيق أغلبية مطلقة، مما أدى إلى تشكيل حكومات ائتلافية هشة وسلسلة من الاستقالات. وقد شهدت البلاد تعاقب خمسة رؤساء وزراء في أقل من عامين، دون أن ينجح أيٌّ منهم في تحقيق استقرار سياسي أو اقتصادي.

في بيانٍ مقتضب، قال ليكورنو إنه يجري محادثاتٍ أخيرة مع القوى السياسية "سعيًا لتحقيق الاستقرار الوطني"، محددًا مساء الأربعاء موعدًا نهائيًا للتوصل إلى اتفاق. من جهته، أكد الرئيس ماكرون أنه "سيتحمل المسؤولية" في حال فشل تلك المفاوضات، وفقًا لمصادر قريبة من قصر الإليزيه.

ويواجه ماكرون الآن خيارات صعبة: إما الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، أو التنحي والدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة، أو محاولة تشكيل حكومة جديدة برئاسة شخصية من اليسار أو اليمين المتطرف. ورغم أن الخيار الأول يُعتبر الأقل مخاطرة، إلا أن المحللين يرون أن أية خطوة قادمة ستكون محفوفة بالمخاطر السياسية، في ظل تراجع الثقة الشعبية وتفاقم الانقسامات داخل البلاد.

انعكاسات الأزمة على الاقتصاد الفرنسي

تتزامن الأزمة السياسية الحالية مع ضغوط اقتصادية متزايدة. فقد تراجع معدل النمو في فرنسا خلال العام 2025 إلى أدنى مستوياته منذ جائحة كورونا، وسط تباطؤ الاستثمار وتراجع ثقة الشركات في استقرار السياسات الحكومية. كما ارتفع العجز في الميزانية إلى مستويات قياسية، متجاوزًا 5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما أثار مخاوف من خفض محتمل للتصنيف الائتماني للبلاد.

ويحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار الاضطرابات السياسية قد يؤدي إلى تراجع اليورو وارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي، خاصة في ظل تزايد الضغوط الاجتماعية واحتدام الإضرابات في قطاعات النقل والطاقة. وتشير تقارير مالية إلى أن العديد من المستثمرين بدأوا بتحويل أموالهم إلى أسواق أكثر استقرارًا داخل الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا وهولندا.

في المقابل، تحاول الحكومة المؤقتة طمأنة الأسواق بالتأكيد على التزام فرنسا بإصلاحاتها الاقتصادية وبالحد من العجز، لكن دون برلمان مستقر أو توافق سياسي، تبدو تلك الوعود صعبة التحقيق. ويرى محللون أن استمرار الفوضى السياسية قد يُدخل الاقتصاد الفرنسي في مرحلة من "الركود السياسي"، حيث تُشل القرارات الكبرى وتُؤجَّل الإصلاحات الحيوية.

بهذا، تصبح الأزمة الحالية في فرنسا أكثر من مجرد أزمة حكم، إذ تهدد بتقويض ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، في وقتٍ تحتاج فيه أوروبا إلى الاستقرار أكثر من أي وقتٍ مضى.

إرسال تعليق

أحدث أقدم