الرضيعة سوار – وجه الطفولة المحاصَرة في غزة
خان يونس، قطاع غزة – في خيمة صغيرة مكتظة قرب خان يونس، تعيش الطفلة سوار عاشور، ذات الخمسة أشهر، أيامها وسط الجوع، والحرب، والخوف. حكاية سوار لا تختصر معاناة أسرتها فحسب، بل تُجسّد مأساة 2.1 مليون فلسطيني يرزحون تحت حصار متواصل وقصف لا يهدأ.
طفلة هزيلة وسط أنقاض الحرب
وُلدت سوار في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في وقت كان فيه التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة في ذروته. ومنذ ولادتها، لم تعرف الهدوء؛ أصوات المدافع، وصراخ الطائرات، وانفجارات الصواريخ أصبحت جزءاً من يومياتها.
عندما زارها مصور صحفي يعمل مع بي بي سي في مستشفى ناصر بخان يونس، صُدم من جسدها الهزيل وبكائها المنهك. كتب لاحقًا: "شيء ما انكسر بداخلي حين رأيتها".
نقص حاد في الغذاء والرعاية
تُعاني سوار من حساسية تمنعها من تناول الحليب العادي، ما يجعلها بحاجة إلى حليب خاص لا يتوفّر في الظروف الراهنة. وزنها بالكاد يتجاوز 2 كيلوغرام، في حين يفترض أن يبلغ وزن طفلة في عمرها 6 كيلوغرامات أو أكثر.
والدتها، نجوى (23 عامًا)، أكدت في حديثها أن الأطباء سمحوا لها بأخذ علبة حليب واحدة عند مغادرتهم المستشفى. "العلبة قاربت على النفاد، وسوار بدأت تضعف مجددًا"، تقول وهي تحاول إبعاد الذباب الذي يحيط بوجه طفلتها المغطاة بوشاح لتجنب لسعات الحشرات.
أمهات غير قادرات على الإرضاع
بحسب مصادر طبية في غزة، العديد من الأمهات غير قادرات على الإرضاع الطبيعي نتيجة سوء التغذية. وتعاني نجوى ووالدتها ريم، بدورهما، من صعوبة الحصول على الطعام أو الحفاضات، نتيجة الحصار وغلاء الأسعار.
لا مكان آمن للفرار
في ظل العمليات العسكرية المتواصلة، أعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرًا إخلاء معظم مناطق خان يونس. هذا الإعلان زاد من مأساة النازحين الذين لا يجدون مأوى آمنًا. قال المصور الصحفي: "منطقة المواصي أصبحت مكتظة بالناس... لا نعرف إلى أين نذهب. نحن تائهون".
روايات متضاربة حول نقص الغذاء
في 22 مايو/أيار، صرّحت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية بأنه "لا يوجد نقص في الغذاء في غزة"، وأشارت إلى إدخال كميات كبيرة من أغذية الأطفال والدقيق.
لكن الأمم المتحدة، ووكالات الإغاثة، ودول غربية من بينها بريطانيا، شككت في هذه الرواية.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف المساعدات المسموح بدخولها إلى غزة بأنها "قليلة جدًا"، مؤكداً أن الفلسطينيين هناك "يعيشون أقسى مراحل الصراع"، في ظل نقص شديد في الماء، والوقود، والمأوى.
واقع لا يحتمل المزيد
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو 80% من مساحة غزة أصبحت مناطق عسكرية إسرائيلية أو مهددة بالقصف. في هذه البيئة، لا تفكر العائلات في المستقبل، بل في كيفية النجاة اليوم.
نجوى، والدة سوار، تختصر الواقع بجملة واحدة:
"لا نفكر في المستقبل ولا في الماضي. كل ما يشغلنا هو الحاضر... وكيف ننجو".