خنجر إسرائيل: بين التحذير المبكر والواقع العربي

خنجر إسرائيل: بين التحذير المبكر والواقع العربي



t-l-chargement-11

بقلم: مراد / ک
الخميس,11 سبتمبر 2025
𝕾𝖆𝖞𝖆𝖗

يُعتبر كتاب "خنجر إسرائيل" للكاتب الهندي ر.ك. كارانجيا واحدًا من النصوص السياسية المثيرة للجدل في التاريخ العربي المعاصر. نُشر لأول مرة عام 1957، ثم تُرجم إلى العربية بعد هزيمة يونيو 1967 مع مقدمة للرئيس المصري جمال عبد الناصر، وأعيدت طباعته لاحقًا في دمشق عام 2005.

الكتاب جاء على شكل مقابلة مع وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان، وفيه يكشف عن ملامح مشروع استراتيجي يهدف إلى تفتيت العالم العربي إلى دويلات صغيرة قائمة على أساس طائفي وعرقي، بما يضمن لإسرائيل تفوقًا طويل الأمد في المنطقة.


جوهر الفكرة

يركز الكتاب على أن القوة الإسرائيلية ليست عسكرية فحسب، بل تعتمد أيضًا على إدارة التناقضات الداخلية في الدول العربية. فقد تحدث ديان – وفق ما ورد – عن خطط لتقسيم العراق إلى ثلاث كيانات (كردية في الشمال، سنية في الوسط، شيعية في الجنوب)، وسوريا إلى دويلات طائفية، ولبنان إلى شمال ماروني وجنوب شيعي. كما نقل عنه قوله الشهير: "العرب لا يقرؤون"، في إشارة إلى أن هذه المخططات قد تُعلن من دون أن يواجهها العرب بالوعي اللازم.


نقاط القوة في الكتاب

  • السبق الزمني: تنبأ بظواهر ظهرت لاحقًا مثل الانقسام العراقي والسوري واللبناني.

  • الجرأة في الكشف: طرح ما كان يعتبر سرًا استراتيجيًا في زمن مبكر.

  • البعد التحذيري: دق ناقوس الخطر بأن الخطر على العرب داخلي وخارجي معًا.

  • الربط بين الداخل والخارج: أظهر كيف يمكن استغلال الانقسامات الداخلية من قبل القوى الخارجية.


نقاط الضعف

  • ضعف التوثيق: كثير من الأفكار اعتمدت على مقابلة واحدة من دون دلائل أرشيفية قوية.

  • اللغة التعميمية: مثل مقولة "العرب لا يقرؤون" التي تحمل طابعًا جلدًا للذات.

  • التفسير اللاحق: أحداث ما بعد 1957 تُقرأ أحيانًا كأنها تنفيذ مباشر للنص، رغم احتمال أن تكون مجرد مصادفات تاريخية.

  • التضخيم: تصوير إسرائيل كقوة مطلقة لا تخطئ قد يُغفل التحديات الداخلية التي تواجهها هي نفسها.


الاستخدام السياسي للكتاب اليوم

بعد مرور عقود، عاد خنجر إسرائيل ليُستخدم كمرجع في عدة سياقات:

  • خطاب التحذير من التقسيم: في العراق وسوريا والسودان واليمن.

  • خطاب المقاومة: كوثيقة تعبئة ضد المخططات الصهيونية.

  • خطاب النقد الذاتي: حيث يرى بعض المثقفين أن المشكلة ليست فقط في "المؤامرة" بل في هشاشة الداخل العربي.


بين النص والواقع

عندما ننظر إلى التاريخ العربي الحديث نجد أن بعض ما ورد في الكتاب تقاطع بشكل لافت مع الأحداث:

  • غزو العراق عام 2003 وما تبعه من صراعات طائفية.

  • الحرب السورية وما رافقها من دعوات إلى تقسيم البلاد.

  • تقسيم السودان إلى شمال وجنوب عام 2011.

هذه الأحداث تجعل الكثيرين يرون في الكتاب وثيقة "نبوءة سياسية"، بينما يرى آخرون أنه مجرد تحليل مبكر لما هو متوقع في منطقة مليئة بالتناقضات.



يبقى كتاب خنجر إسرائيل نصًا مهمًا لأنه لا يكتفي بتسليط الضوء على المخططات الخارجية، بل يفتح النقاش حول مكامن الضعف الداخلية في الدول العربية. وبين من يعتبره خطة موثقة، ومن يراه مجرد قراءة سياسية استباقية، يظل تأثيره حاضرًا في النقاش العربي حتى اليوم، خاصة في ظل أزمات التقسيم والاقتتال الداخلي التي تشهدها المنطقة.


معلومات عامة

إرسال تعليق

أحدث أقدم